فهم أم غسيل دماغ؟

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا ‎﴿١٠٣﴾‏ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ‎﴿١٠٤﴾‏

توضح الآية بدون شك أن “إنسان ما” غير قادر علي التمييز بين الطريق الصحيح والطريق الذي هو عليه ويتصور أنه على حق. وهذا يعني أنه تعرض إلي أشد أنواع غسيل الدماغ “المستوى العميق” ويصير كأنه الأصل ويكون اتجاها صلبا لا يؤثِّر فيه الإقناع أو حتى نقاش أى وجهة نظر أخرى ، فتكون نتيجة عدم إدراك هذا الإنحراف أن كل أعماله تصبُّ فى مصلحة الذى قام بعملية غسيل المخ ، وكل المجتمعات تعتبر هذا الغسيل حق لها لكى تضمن ما يُسمى الأمن والإستقرار الإجتماعى . ويأتي الغسيل بداية من أولياء الأمور ، ثم المدرسة ، ثم المجتمع ككل ..

الآثار الناجمة عن غسيل الدماغ

  • هبوط القدرة الفكرية
  • عدم القدرة على التلاؤم والتكيف
  • الشعور بالذنب
  • سرعة الغضب

فمن الصعب على أى إنسان أن يُدرك أنه تحت تأثير غسيل المخ ، وتكون المفاجئة أن أعماله ضآلة على الرغم من يقينه أنه على صواب ، وخاصة عندما يكون هذا الغسيل منذ الصغر فمن الصعوبة إدراك ذلك ، فالإنسان ضحيَّة لهذا الغسيل وهو صغير ولكنه يصبح شريك عندما يكبر إذا لم يدرك هذه المؤآمرة .

“وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ ‎﴿البقرة:١٧٠﴾” .

فالفهم الصحيح يحكمه العقل أما غسيل المخ يحكمه ما دون ذلك، فكتاب الله هو ما أنزل الله وما دونه فهو من ضمن مخطط غسيل المخ ،

“وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ ۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ‎﴿النحل:٣٥﴾‏” .


فيسأل البعض .. الذين وصَّلوا لنا هذا الكتاب هم أنفسهم الذين وصَّلوا لنا ما دونه فكيف ننعتهم بالمشركين ؟ هذا صحيح ولكن ذلك هو ضمن المخطط الذى وضعوه حتى يمكنهم تمرير الكذب ، فالقرآن بالنسبة لهم مجرد عنوان لامع لا يتخذونه دليل على أى شئ فى حياتهم ولكنه ديكور محفوظ وفى بعض الأحيان يحذَّروا من لمسه والإقتراب منه إذا كانوا غير طاهرين وخاصة النساء ويحذَّروا ايضا من الذين يريدون فهمه (القرآنيين ) ، وإذا قرأوه لم ولن يفهموا منه شيئا لأنهم تمكَّنوا من تحريف معانى الألفاظ . ،

“ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ ۛ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا ۛ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ ۖ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَٰذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا ۚ وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ‎﴿المائدة:٤١﴾‏” ،

ولذلك تجدهم أحرص الناس على حفظ القرآن وتحفيظه بدون فهم ، وحتى إذا حفظ الإنسان كل القرآن فلن يزيد قيمته عند الله أكثر من قيمة الورق الذى كُتب عليه ، فهو كذلك يحفظه .
فالقناعة لا تكون إلا من خلال تشغيل العقل والبحث فى آيات الله فى الكون والتعرُّف على الله وفى كتابه الكريم وبالتالى لا يكون هناك إكراه .

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ‎﴿البقرة: ٢٥٦﴾‏

وقوله

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ‎﴿يونس: ٩٩﴾‏


هذا المقال ليس إدانة لأحد بعينه ولكن إشارة ودعوة إلى البحث فى كتاب الله بعقله دون الإستعانة بعقل غيره أيَّان كان ، ووضع كل لفظ فيه تحت المجهر ، وأهم قاعدتين فى البحث ..

..الأولى ، لا يمكن أن يكون للفظ الواحد أكثر من معنى ، فالله تعالى قادر على أن يجعل لكل لفظ معنى خاص به وهذا دليل على الدقة فى النص ،

“قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ‎﴿الكهف:١٠٩﴾‏ “.


..الثانية ، لا يمكن أن يتفق أكثر من لفظ فى معنى واحد لأنه يصبح حشو فى كتاب الله وهذا استهزاء وإهانة ، وأكتفى بهذا القدر


“قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي ‎﴿٢٥﴾‏ وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ‎﴿٢٦﴾‏ وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي ‎﴿٢٧﴾‏ يَفْقَهُوا قَوْلِي ‎﴿طه:٢٨﴾‏”

0 0 votes
Article Rating

Visits: 82

Subscribe
نبّهني عن
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments